الجمعة، 6 أغسطس 2010

فلاح صيني “يزرع” الروبوتات

“وو يو لو” فلاح صيني بسيط، لا يزرع الأرز ولا الخضروات ولا الفواكه، بل يزرع التكنولوجيا ويصنع الرجال: أكثر من 40 رجلاً آلياً صنعهم خلال ثلاثة عقود فاستحق لقب “أبو الروبوتات”.

يقطن وو (50 عاما) قرية صغيرة وادعة قرب بكين، وهو مولع بالتكنولوجيا، وقد حلم وهو مراهق بصناعة آلة تتحرك كالناس.

حاول مراراً استخدام كل ما أتيح له من معدات تالفة وخردة، وأنفق كل مصروفه المتواضع، وفشل كثيراً ولم ييأس، حتى عرف النجاح في 1982 حين صنع روبوته البكر ومنحه اسم “وو 1″.

كان الروبوت يمشي قليلاً ويتعثر كثيراً، ثم توالت الاختراعات: واحد يتسلق الجدران، وآخر يعزف أجمل الألحان، وثالث بارع في فن الخط الصيني، وآخر في تقديم الشاي وإشعال السيجارة، والحالي الذي يعكف على صناعته سيساعد ذوي الاحتياجات الخاصة.

“وو” يعامل روبوتاته كأبنائه وأفراد عائلته، ويخصها بجل وقته وثلثي دخله، بل منحها اسمه وفق تراتبية تاريخ “ميلادها” فكان “وو 1″ و”وو 2″ وهكذا.

لكن مفضله “وو 25″، فهو القوي الأمين الذي يقود عربته في جولة يومية في القرية، ويستطيع المشي ست ساعات متواصلة دون الحاجة إلى إعادة شحن بطاريته.

وو يو يعاين إحدى روبوتاته “البنات” (الجزيرة نت)

إنهم أبنائي
يقول وو “إنهم أبنائي، وبالتالي يجب أن يحملوا اسمي”. لكن الموضوع أزعج ولديه الحقيقيين وزوجته التي فكرت في خلعه مرات، كما قالت للجزيرة نت، فقد عيل صبرها من عشق زوجها كائناته الصماء، وضجت من الفقر، خاصة عندما أدى خطأ فني إلى تماس كهربائي احترق فيه الابن البكر “وو 1″ ومعه المنزل.

كان السبب بطارية مستوردة قابلة لإعادة الشحن اشتراها وو بثمن بخس، ولم يفهم تحذيرا كتب عليها بلغة أجنبية وعندما حاول شحنها انفجرت، ففقد الذاكرة وبعض “أبنائه” الروبوتات، وعادت إليه ذاكرته لكن الألم يعتصره على فقد “من” أحب.

اضطر وو إلى بيع “وو 5″ ليتمكن من ترميم البيت، وتسديد ديونه، وهو بعد نادم على ذلك، ويقول إنه لم يستطع النوم لأيام.

تقول زوجته إنها حاولت كثيرا ثنيه عن “إضاعة الوقت والمال” لكنها استسلمت للأمر الواقع.

وو: أكره أن أحشو رأسي بالمعلومات، أحب أن أجرب وأخطئ وأتعلم (الجزيرة نت)

عيد الميلاد


وقد حاولت مرة أن تفاجئه في عيد ميلاده، فادخرت مالا وأهدته سيارة تعمل بجهاز تحكم، لكن فرحته كانت صدمة لزوجته فقد سارع إلى تحطيم هديته ليرى كيف تعمل.
لم ينتسب وو إلى أكاديميات علمية أو جامعات معروفة، فآخر درجة ارتقاها في السلم العلمي هي الصف الخامس الابتدائي، فهو أحد خمسة إخوة من عائلة فقيرة لم تمكّنه من إتمام تعليمه.
يقول وو إنه حتى الآن لا يفهم النظريات الفيزيائية ولا قوانين الحركة وهو غير مستعد لتعلمها.
ويضيف “إنني أعلم أن الكهرباء تولد الطاقة وتشغل المحركات، والأسلاك تنقل الطاقة إلى أطراف الروبوت وتجعله يتحرك، وهذا يكفيني. إنني أكره أن أحشو رأسي بالمعلومات. أحب أن أجرب وأخطئ وأتعلم”.

ويؤكد وو أنه لم يكن يعرف معنى كلمة روبوت ولم يشاهد أياً منها في حياته، وكل ما كان يفعله هو مراقبة الفلاحين في الشوارع والحقول، ويحلم بيوم يكون فيه قادراً على صناعة آلات تتحرك مثلهم.

بدأ يجمع كل ما تقع عليه عيناه من أدوات يمكن أن تساعده في تحقيق حلمه، في حاويات القمامة أو بين بقايا المعدات والآلات الزراعية التالفة، ويزداد عشقه لما يصنع كلما ازدادت روبوتاته حركة وذكاء، إلى أن اعتبرها كأبنائه.

يقول وو إنه لا يفكر كثيراً فيما يمكن أن يجنيه بل إنه يستمتع بصناعته، وأجمل اللحظات تلك التي ينتهي فيها من العمل لتسري الحركة في أوصال “ابن” آلي جديد.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More